تطويع التكنولوجيا لتخطي أزمة بطالة الشباب في غزة

16 كانون الأول 2022
أسماء ماضي تتحدث لأحد الصفوف في مركز تدريب خان يونس التابع للأونروا في خان يونس بغزة. الحقوق محفوظة للأونروا، 2022

بشموخ وفخر، تقف أسماء ماضي، وهي لاجئة من فلسطين تعيش في غزة، وامرأة عصامية وقوة لا يستهان بها. لقد أدركت في وقت مبكر من حياتها أن مفتاح النجاح في قطاع غزة المحاصر هو التعليم، وتولت زمام الأمور بنفسها وهي الآن تقود الطريق للخروج من البطالة للعديد من شباب غزة.

"أنا من عائلة مكونة من ثمانية أفراد"، تقول أسماء مضيفة: "والدي عامل. كان يحلم دائما بإنجاب ابنة متعلمة تعليما عاليا. وهو قد لاحظ ميولي للتعليم والبحث الأكاديمي وشجعني على متابعة مسيرتي الأكاديمية. عندما تخرجت من المدرسة الثانوية، كنت أعرف مجال التعليم الذي سأتعمق فيه! كان والدي يدعمني بالكامل لكنه لم يستطع تحمل الرسوم الجامعية. لذلك، اخترت الدراسة في مركز تدريب خان يونس التابع للأونروا".

التحقت أسماء بمركز تدريب خان يونس في عام 2013 للحصول على دورة دبلوم لمدة عامين في الأعمال الإلكترونية. يعد هذا البرنامج مزيجا من الخبرة التكنولوجية وتنمية مهارات الأعمال. إنه يعطي الطلاب فرصة لتعلم مبادئ ووظائف الأعمال الأساسية، بالتوازي مع تكنولوجيا المعلومات وتطوير شبكة الإنترنت. ويقبل البرنامج حوالي 30 طالبا في السنة، معظمهم من الفتيات. وبعد التخرج، يجد معظم الخريجين وظائف في قطاع تكنولوجيا المعلومات الخاص في غزة أو على منصات العمل الحر.

تقوم أسماء بتدريس الطلاب في مركز تدريب خان يونس بغزة، والذي يتميز بغرف صفية دراسية مجهزة بالكامل ومختبرات واسعة، مع توفر جميع أنواع الوسائل التعليمية اللازمة في مجال الأعمال الإلكترونية. الحقوق محفوظة للأونروا، 2022
تقوم أسماء بتدريس الطلاب في مركز تدريب خان يونس بغزة، والذي يتميز بغرف صفية دراسية مجهزة بالكامل ومختبرات واسعة، مع توفر جميع أنواع الوسائل التعليمية اللازمة في مجال الأعمال الإلكترونية. الحقوق محفوظة للأونروا، 2022


"كان التعليم مجرد البداية، ليس فقط لتمكيني، ولكن أيضا لكي أصبح مؤثرة. كانت أيامي في مركز تدريب خان يونس هي الأفضل في حياتي. كان المركز المكان المناسب لي لإطلاق إمكاناتي، وها أنا ذا: أسماء جديدة، تماما كما تخيلت وخططت أن أكون - قوية ومستقلة ومؤثرة"، تقول أسماء.

إلا أن أسماء كان لديها رؤية طويلة الأجل وبدأت حياتها المهنية تعمل بشكل مستقل حتى قبل تخرجها من مركز تدريب خان يونس. لقد سمحت لها وظائفها المستقلة بتوفير ما يكفي من المال لدفع الرسوم الجامعية -بعد تخرجها من المركز في عام 2015-، حيث التحقت بالكلية الجامعية للعلوم والتكنولوجيا في غزة، وتخصصت في تكنولوجيا إدارة الأعمال. كما اشترت لنفسها جهاز حاسوب محمول جديد، ما يعد استثمارا رئيسا في مهنتها التي اختارتها.

"تخرجت من الجامعة بامتياز وكانت مسيرتي ناجحة منذ البداية. بعد تخرجي في عام 2018، بدأت على الفور العمل على منصات العمل الحر"، تقول أسماء التي لم تنته طموحاتها عند هذا الحد. أكملت دورة تدريبية إضافية في مركز تدريب خان يونس حول واجهة المستخدم وتصميم الخبرة للمنتجات الرقمية وحصلت على وظائف إضافية أثناء التدريب.

ومرة أخرى، ركزت أسماء أنظارها لما هو أبعد. وانطلاقا من عزمها على مشاركة مهاراتها مع الآخرين، مهدت الطريق لعشرات الشابات للخروج من دائرة البطالة في غزة وأصبحت مدربة في مركز تدريب خان يونس. لقد فهمت أسماء بوضوح شديد أن تكنولوجيا المعلومات قادرة على أن تأخذك إلى ما وراء الحدود في غزة، التي واجه سكانها 15 عاما من القيود المفروضة على سبل الوصول والحركة. وتقول أسماء: "أحاول دائما تعليم الخريجين الشباب كيفية تحدي البطالة. ليس هناك ما هو أكثر إيلاما وتدميرا من أن تكون شابا عاطلا عن العمل. إن الناس بلا عمل هم أشخاص بلا أمل في الحياة، وبلا مستقبل".

أسماء ماضي خلال محاضرة حول العمل الحر وبرمجة الويب لمجموعة من الطلاب في مركز تدريب خان يونس التابع للأونروا بغزة. الحقوق محفوظة للأونروا، 2022
أسماء ماضي خلال محاضرة حول العمل الحر وبرمجة الويب لمجموعة من الطلاب في مركز تدريب خان يونس التابع للأونروا بغزة. الحقوق محفوظة للأونروا، 2022

 

بصفتها معلمة في مركز تدريب خان يونس، قامت أسماء بتدريب 151 خريجا شابا وشابة على العمل الحر والبرمجة، 80 منهم يعملون الآن. وقد قامت مؤخرا بتأسيس شركتها الخاصة للعمل الحر (AM Freelancing) التي أصبحت علامة تجارية في مجالها. "إن جزءا من وظيفتي هو توفير دورات تدريبية للخريجين الشباب الواعدين"، تقول أسماء.

وبقدر انشغالها، لا تزال أسماء تحلم أحلاما كبيرة، وتقول: "أحلم بجلب غزة إلى الخطوط الأمامية لسوق العمل الحر العالمي. أستطيع القول إن ذلك يمكن أن يكون متنفسا لارتفاع معدل البطالة في غزة. وأعتقد أن بإمكاننا أن نفعل المزيد في غزة. إن التكنولوجيا هي نعمة عصرنا. إنها تكسر الجدران والحدود، وإنني أشجع الشباب على الاستثمار في قدراتهم الخاصة، فلا شيء يمكن أن يوقف قوة التعليم. لا شيء يمكن أن يوقف شابا لديه رؤية وحلم. إن وجود حلم يعني وجود مستقبل".

بلغ المعدل الإجمالي للبطالة في عام 2021 في غزة 47 بالمئة، وهو واحد من أعلى المعدلات في العالم. ووفقا للمركز الفلسطيني للإحصاء، وبلغ معدل البطالة بين الشباب في غزة من حملة الشهادات المتوسطة أو الجامعية 74 بالمئة[1].  لقد تم تصميم دورات مثل دورة الأعمال الإلكترونية في مركز تدريب خان يونس التابع للأونروا، والتي سجلت فيها أسماء في البداية، لتزويد شباب غزة بالمهارات التي ستساعدهم على تخطي الحواجز التي تفرضها القيود المفروضة على سبل الوصول والحركة لمدة 15 عاما والعثور على عمل في السوق الدولية. وقد تم تطوير مناهج البرنامج وقدرات الموظفين بناء على احتياجات السوق المحلية والدولية، ومعظم الطلاب قادرون على العثور على وظائف حتى قبل التخرج من خلال منصات العمل الحر!

ويعمل الدعم السخي من شركاء الأونروا والجهات المانحة، مثل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، على ضمان تقديم التعليم الفني للاجئي فلسطين الشباب في مركز تدريب خان يونس، وسبعة مراكز أخرى مثله. وبشكل عام، تقوم الأونروا بتدريس حوالي 8,000 طالب وطالبة في ثمانية مراكز تقنية ومهنية وتدريبية في كافة أرجاء منطقة الشرق الأوسط، ما يضمن تزويدهم بمهارات قابلة للتسويق من أجل سوق العمل الحديث.