خطاب المفوض العام للأونروا للجان التنمية والشؤون الخارجية لبرلمان الاتحاد الأوروبي

10 أيلول 2009

بروكسل
 10 أيلول 2009

الرؤساء الكرام، أصحاب المعالي والسعادة:

إنه لمن دواعي سروري أن ألتقي بكم وأتبادل وجهات النظر مع الجلسة المشتركة للجنتي التنمية والشؤون الخارجية لبرلمان الاتحاد الأوروبي. إن هذه المناسبة بالتحديد لها أهمية خاصة بالنسبة لي شخصيا، حيث أنني بنهاية عام 2009 سأكمل فترة ولايتب كمفوض عام للأونروا بعد أن بقيت في خدمة الوكالة منذ آب من عام 2000 وكنائبة للمفوض العام في بداية الأمر.

في العقود التي سبقت انضمامي للأونروا وخلال سنوات عملي على رأسها، فإن ثمة حقيقة واحدة قد صمدت، ألا وهي أننا لم نكن لنتمنى حلفاء أكثر كرما وأكثر موثوقية وأكثر ارتباطا من الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروربي. إن الاتحاد الأوروبي، ودوله الأعضاء ومؤسساته هم أكبر الجهات المانحة لنا. إن الدعم المالي والعيني الذي تقدمونه يبقى لا غنى عنه لمقدرة الأونروا على الإيفاء بمهام الولاية الإنسانية وولاية التنمية البشرية التي تضطلع بها لفائدة 4,6 مليون لاجئ فلسطيني.

إن الأدوار الحاسمة التي يلعبها الاتحاد الأوروبي تتعدى المساعدة المادية. إنكم توفرون الخبرات الفنية من أجل تنفيذ وتنسيق وتقييم برامج الأونروا. وبصفتكم اعضاء فاعلين في اللجنة الاستشارية للأونروا، فإنكم تساعدون في الإشراف على الإدارة المالية والبرامجية وعلى الإصلاح وتطوير السياسات، وبالتالي فإنكم تعملون على تعزيز جهودنا في أن نصبح أكثر فاعلية. كما أنكم توفرون للفلسطينيين وللاجئين الفلسطينيين دعما عاما أكبر، بما في ذلك على الساحتين السياسية والدبلوماسية الدوليتين. وبدون دعم أوروبا ودولها الأعضاء، فإن الأونروا لم تكن لتستطيع أن تكون قوة إيجابية كما هي اليوم في كافة أرجاء الشرق الأوسط.

إن ملاحظاتي هذا الصباح سوف تشارك وجهات النظر عن التحديات المالية والعملياتية التي تواجه الأونروا وستحدد جوانب الحالة الفلسطينية من واقع الأفضلية التي تفرضها تجربة الأونروا في المنطقة والتي يبلغ عمرها ستون عاما. واسمحوا لي أن أبدأ بموجز صغير للغاية عن مهمة الأونروا وملفها العملياتي.

في العام 2008، أحيا الفلسطينيون ذكرى ستين عاما على نفيهم. وهذا العام، تحيي الأونروا الذكرى السنوية الستين لتأسيسها. إن ولاية الأونروا تتمثل في مساعدة وحماية اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وسورية ولبنان والضفة الغربية وقطاع قزة إلى أن يأتي ذلك اليوم الذي يتم فيه حل محنتهم بشكل عادل.

إننا حاليا نعمل على مزج الوظائف الإنسانية ووظائف التنمية البشرية في مجالات خمسة برامج رئيسة. وفي حقل التعليم، فإننا نعمل على توظيف ما يقارب من 16,000 معلم في 683 مدرسة ابتدائية وإ‘دادية، كما أننا ندير عشرة مراكز تدريب مهني وفني. ويتم تقديم الرعاية الصحية الأولية من خلال 138 مركز صحي تستقبل عدة ملايين من المرضى في العام الواحد. وتعمل الأونروا على تنفيذ نشاطات شبكة الأمان الاجتماعي والبنية التحتية ومشروعات تحسين المخيمات وتداخلات التمويل الصغير. كما أننا نحافظ على إمكانيات الاستجابة للطوارئ خلال وبعد النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية. ويستفيد من برامجنا للمعونة الغذائية حوالي 1,2 مليون شخص الغالبية منهم تقطن في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبخلاف معظم وكالات الأمم المتحدة، فإن الأونروا تقدم خدماتها مباشرة للاجئين وفي نفس الوقت تعمل على تنسيق وموائمة وظائفها مع مثيلاتها لدى البلدان المستضيفة والحكومة. إن خدماتنا لا تساهم في الأمن الإنساني فحسب، بل وأيضا في الاستقرار والهدوء في مجتمعات اللاجئين.

ومع ذلك، فإن الفرادة التي تتمتع بها الأونروا تبقى منسجمة مع هويتها الأساسية بوصفها وكالة تابعة للأمم المتحدة تعمل بتوجيه من الجمعية العامة وبتناغم مع مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة. وعلى وجه التحديد، فإننا نعمل، داخل مجتمعات اللاجئين، على تشجيع قيم الحيادية والنزاهة والتسامح حيال التنوع واللاعنف واحترام حقوق الإنسان للجميع.

أصحاب السعادة،
إنني أفهم أن القضايا المالية والقضايا المتعلقة بالميزانية تستحوذ بشكل كبير على أذهانكم فيما أنتم تدخلون مرحلة حاسمة من التفاوض حول ميزانية المفوضية الأوروبية لعام 2010. وإنني أنتهز هذه الفرصة لألفت انتباهكم إلى الحالة الخطيرة للوضع المالي للأونروا. وإنني أناشدكم أن تهرعوا لمساعدتنا من خلال رفع المستويات الرائعة بالفعل من الدعم الذي تقدمونه.

إن الأونروا تعاني من عجز تمويلي في كافة مسارات ميزانيتها الثلاثة وهي الميزانية العامة ومناشدات الطوارئ وميزانية المشاريع. وعلى أية حال، وفي هذه اللحظة، فإن التوقعات بشأن الميزانية العامة تبعث على القلق المتزايد.

والصعوبات المالية التي تواجهنا لهي نتيجة تراكمية لعدد من العوامل، منها الأنماط الإقليمية والاقتصادية غير المؤاتية والكلفة العالية لأسعار الغذاء والوقود. وقد نمت درجة تعقيد احتياجات اللاجئين مع نمو تعدادهم؛ وقد ارتفعت نفقات الأونروا بشكل حاد في الوقت الذي كنا نكافح فيه من أجل المحافظة على نوعية خدماتها وتلبية الاحتياجات المتزايدة لأصحاب المصلحة من أجل برامج أكثر فعالية علاوة على تلبية متطلبات الرواتب لموظفينا الذين يبلغ عددهم 29,000 موظفا وموظفة. وعلى الرغم من أن مساهمات المانحين قد ازدادت مؤخرا بقيمتها المطلقة، الأمر الذي يعكس ثقة مجتمع المانحين بالأونروا، إلا أن الاتجاهات التصاعدية في النفقات العملياتية قد فاقتها.

إن العجز الناتج يهدد مقدرة الأونروا على استدامة مستويات الخدمة الحالية ويجعل من جهود تحسين الخدمات أمرا مستحيلا. وتقدر الفجوة التمويلية لعام 2009 بمبلغ 84 مليون دولار، منها 16,3 مليون دولار مخصصة للنفقات التشغيلية المباشرة.

وفي ضوء هذه الهشاشة الخطيرة، فإنني أناشدكم الاستجابة لدعوة الأونروا من أجل مساعدة استثنائية. وإنني أحثكم لمساعدتنا في تجنب السيناريو التمويلي الحاد الذي سنواجهه في السنوات المقبلة بدون تلك المساعدة الاستثنائية. إنكم ومن خلال القيام بذلك ستعملون على تقوية يد الأونروا –والمجتمع الدولي- بالمضي قدما بمهمتنا في مساعدة اللاجئين على أن يعيشوا حياة كريمة في الوقت الذي نعمل فيه كعامل تهدئة في المنطقة.

الأعضاء الكرام،
سأقوم الآن بإيجاز الوضع في كل إقليم من أقاليم عمليات الأونروا. ففي الأردن وسورية، فإن اللاجئين محظوظون بالتمتع ببيئة آمنة ومستقرة. وحتى في تلك البلدان، فإن الفرص الاقتصادية تبقى صعبة المنال للعديد من اللاجئين، لأسباب ليس أقلها افتقار الأونروا للموارد من أجل مساعدتهم في تحقيق الاعتماد على الذات.

وفي لبنان، فإن الظروف الصعبة التي لطالما واجهت اللاجئين الفلسطينيين هناك تضفي قيمة خاصة على الأثر الذي يحدثه عمل الأونروا في تحقيق الاستقرار. وإلى جانب حرية الحركة وسبل الوصول إلى الفرص الوظيفية وظروف الحياة الكريمة في المخيمات، فإن الهم الأكثر إلحاحا هو إعادة إعمار مخيم نهر البارد الذي تعرض للتدمير في صيف العام 2007 وتقديم الرعاية لما مجموعه 30,000 لاجئ تشردوا نتيجة لذلك. ومع النظر للأهمية المباشرة لحقوق اللاجئين وللاستقرار في شمال لبنان، فإنه من الأهمية بمكان أن يقوم المجتمع الدولي بالاستجابة التامة لمناشدتنا بالحصول على مبلغ 277 مليون دولار لبناء نهر البارد، تم التعهد بمبلغ 67,3 مليون دولار منها لغاية الآن.

وفي الضفة الغربية وغزة، فإن اللاجئين الفلسطينيين الذين يشكلون نصف عدد السكان تقريبا يواجهون تهديدات خطيرة على حياتهم وحرياتهم وسبل معيشتهم. إن تلك التهديدات التي زادت حدتها على مر السنوات الثلاث الماضية مصدرها الجانب الإسرائيلي والجانب الداخلي الفلسطيني. فمن جانب واحد، هناك الاحتلال الإسرائيلي لغزة وللضفة الغربية منذ عام 1967، ومجمل السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين والدورات المتكررة للنزاع المسلح ونظام الإغلاق المعمول به حاليا. وفي الجانب الآخر، هناك عدم الأمن والمستقبل الغامض الذي ينبثق من العداء بين فتح وحماس. والنتيجة هي وضع يكون الفلسطينيون واللاجئون الفلسطينيون فيه يعيشون في حالة غير عادية وغير مستقرة.

ولا تزال حدود غزة مغلقة أمام التدفق الحر للأشخاص والإمدادات التجارية والإنسانية والإنشائية. إن العواقب الخانقة للإغلاق بادية للعيان بشكل كبير من خلال الاقتصاد الذي يحتضر والحد الأدنى من الخدمات العامة والبطالة وانعدام الأمن الإنساني.

ويعمل الحصار على إحباط جهود إعادة الإعمار والانتعاش التي تم التعهد بحوالي 5 مليارات دولار من أجلها في مؤتمر شرم الشيخ في آذار الماضي، وهو أيضا يجعل ما مجموعه 1,1 مليون من سكان غزة ممن يتلقون حاليا مساعدات غذائية يعتمدون تماما على تلك المساعدات.

ومن أجل مصلحة الفلسطينيين وأيضا مصلحة الأمن الإقليمي والدولي، فإنه من الضروري أن يتم العمل على تصحيح تلك الظروف المصطنعة من الاستبعاد والفقر المفروض. إن نظاما مفتوحا لسبل الوصول وحريات أكبر للفلسطينيين لهي أمور ضرورية من أجل خلق مناخ تتعزز فيه قوى التوافق والاعتدال والتسامح ويتم تشجيعها.

وفي الضفة الغربية، لا يزال الجدار العازل والعقبات المرتبطة به إضافة إلى القيود الإدارية يعملون على خنق الاقتصاد وجعل الحياة الطبيعية أمرا بعيد المنال للعديد من الفلسطينيين. إن هدم المنازل ومصادرتها، وبخاصة في القدس الشرقية، والاعتقالات المتكررة وحملات الاعتقالات والهجمات العنيفة من قبل المستوطنين تعد سمات عادية في الحياة الفلسطينية. وفي القدس الشرقية وغيرها من الأماكن، فإن المستوطنات الإسرائيلية ليست سوى جزء واحد من شبكة معقدة من الإجراءات التي تخفض مساحات المعيشة والموارد المتاحة للفلسطينيين.

وبعد أكثر من أربعين عاما على الاحتلال الإسرائيلي، وبالرغم من التقارير الأخيرة التي تتحدث عن تحسن في المؤشرات الاقتصادية والأمنية، فإن الضفة الغربية لا تزال منقسمة لدرجة أن سلامتها كوحدة قابلة للحياة اقتصاديا واجتماعيا مهددة بشكل عميق. إن هذا لديه انعكاسات واضحة على نوعية التسوية التفاوضية التي من المحتمل التوصل لها. إن السؤال المباشر يكمن فيما إن كانت تلك الظروف المشحونة والمنقسمة ستسمح للضفة الغربية، ومعها غزة، لتخدم بمثابة الأساس للدولة الفلسطينية القابلة للحياة.

أصحاب المعالي،
إن وضع الفلسطينيين واللاجئين الفلسطينيين يرفرف في وجه كافة المبادئ السامية للإنسانية التي نتبناها بوصفنا أعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وعلى مرأى ومسمع المجتمع الدولي، فإن الفلسطينيين يعانون من أشكال من الاضطهاد الذي ينتهك كافة مبادئ حقوق الانسان والحريات الأساسية. وبالرغم من ذلك، فإن حقيقة أن هذا النزاع قد استعصى على الحل لما يزيد عن ستين عاما ينبغي أن لا تفت من عزيمتنا في التصدي له، أو تشتت انتباهنا عن الإمكانات الغنية من أجل التغير الإيجابي.

ومنذ وقت مبكر من هذا العام، قاد رئيس الولايات المتحدة تحولا جديدا في النهج المتبع في تلك المسائل. لقد ألهمت كلماته الاعتقاد باحتمالات السلام بين كافة أولئك الذين سئموا من الحرب في الشرق الأوسط. كما أن موقفه الواضح حيال بناء المستوطنات يدل على الاستعداد لمعالجة جانب رئيسي من الاحتلال الإسرائيلي.

وفي حين أن الموقف الأمريكي الجديد لا يمكن أن يكون أكثر ترحيبا، فإن تعقيدات النزاع الفلسطيني الإسرائيلي تتطلب للوعود التي أثارتها الكلمات الملهمة أن يعقبها عمل ملموس. إن الظروف البائسة التي يواجهها الفلسطينيون ينبغي أن يتم عكسها؛ وينبغي أن تتم إعادة كرامتهم وإعادة الشروع بعملية المفاوضات ذات المصداقية. واسمحوا لي أن أستند إلى تجربتي في العيش والعمل في غزة للسنوات التسع الماضية وأقترح بعض المتطلبات التي تعد أساسية من أجل إعادة تجديد آفاق المستقبل.

إن الاعتبار المهم هو حاجة الدول واللاعبين السياسيين للعمل بتناغم، وتحديدا في إلزام كلا الجانبين بالتزاماتهما الدولية. إن الدور الرائد الذي لعبته الولايات المتحدة بشكل تقليدي ينبغي أن يتم تكميله من قبل اللاعبين الرئيسيين الآخرين من أجل ضمان حد أقصى وموحد من الضغط على كلا الجانبين. إن أوروبا بمواردها ونفوذها العالمي وروابطها التاريخية بالمنطقة في وضع جيد للعب دور أكبر مما تضطلع به حاليا.

وثمة شرط أساسي من أجل عملية تفاوض فعالة وفاعلة وذات مصداقية، ألا وهو مقدرة تلك العملية على قيادة الثقة عبر الملف الفلسطيني. ولهذا السبب، فإن هناك حاجة إضافية لعمليات مستقبلية من الحوار والمفاوضات لتتضمن الدوائر الرئيسة في الجسم السياسي الفلسطيني. إن نهجا شموليا سوف يضمن أن يرى الفلسطينيون أنفسهم ومصالحهم قد انعكست في العملية. كما أن ذلك سيؤتي ثماره في تعزيز احتمالية أن يتم قبول مخرجات عملية التفاوض.

وبارتباط وثيق مع متطلبات عملية التفاوض الشمولية، فإن هناك ضرورة لاستثمار جهود من أجل رأب الصدع الفلسطيني الداخلي. إن الانقسام بين فتح وحماس قد أصبح أكثر رسوخا من أي وقت مضى، الأمر الذي يشكل تهديدا للقضية الفلسطينية ولديمومة أية عملية تفاوضية. إن المثل القديم القائل بأن "البيت المنقسم على نفسه لا يمكن أن ينهض" يحدث صدى تقشعر له الأبدان حيال العداء الحالي في المعسكر الفلسطيني. إن المخاطر التي تترتب على هذا المأزق ينبغي أن يتم الاعتراف بها بصراحة أكبر، وأن يتم استثمار الموارد والضغط اللازمين من أجل المساعدة في التوصل إلى تسوية إن لم تكن المصالحة ممكنة.

وهناك متطلب آخر يتعلق بالقضايا التي تنبغي معالجتها في المفاوضات. إن الدروس السابقة وواقع الحالة الفلسطينية يشيران إلى أن جدول أعمال مفاوضات شاملة قد تساعد في المضي قدما بالعملية. إن التركيز الحالي على وقف المستوطنات الإسرائيلية ينبغي أن يتم استكماله بالانتباه إلى مجموعة متنوعة من القضايا العالقة، كإطلاق سراح الجندي المحتجز جلعاد شاليط وقيود الإغلاق والحصار ونقص سبل وصول الإمدادات الإنسانية والهدم و/أو المصادرة المنهجية لبيوت الفلسطينيين ومنشآتهم. إن الجهود الصادقة لحل تلك المسائل وقضايا حقوق الإنسان الأخرى ذات العلاقة سوف تقطع شوطا طويلا نحو خلق مناخ يعمل على تعزيز آفاق الحوار.

ومن وجهة نظر ولاية الأونروا، فإنني أضع تركيزا خاصا على الحاجة إلى أن تعكس أية عملية للمفاوضات وبشكل جدي هموم ومصالح اللاجئين الفلسطينيين. إن قضايا العودة والتوطين لهي قضايا معقدة بشكل خاص في السياق الفلسطيني. وعليه، فإن مبادئ الخيار الواعي ينبغي أن تخدم كأساس لتوضيح توقعات اللاجئين والحقوق المرافقة لتلك الخيارات التي يقوم اللاجئون أنفسهم باتخاذها. إن ضمان أن صوت اللاجئين مسموع وأن خيارهم مؤكد عليه ومحترم سوف يضمن أن مخرجات أي حوار أو تسوية تفاوضية ستستفيد من تفهم دائرة اللاجئين (إن لم يكن دعمهم الكامل) وبالتالي سوف يمنحها المصداقية المطلوبة للوقوف في وجه اختبار الزمن.

أصحاب المعالي،
إنني لعلى قناعة راسخة بأن هذا النزاع والظروف التي يعيش فيها الفلسطينيون واللاجئون الفلسطينيون يمكن ويجب أن يتم حلها. إن الصرخة من أجل السلام، والتي تعد قوية للغاية في أوساط الملايين من الفلسطينيين العاديين، يجب أن لا تذهب أدراج الرياح لفترة أطول من ذلك. ومن أجل الاستجابة لتلك الصرخة، فإن ينبغي على الدول واللاعبين السياسيين أن يبقوا منفتحين حيال الاحتمالات الموجودة في خضم الواقع القاسي وأن يغتنموا الفرص التي لطالما تم تجاهلها على مر السنين.

إن أوروبا في وضع جيد لتكون محفزا وعاملا من عوامل التغيير الإيجابي. فعلاوة على الموارد والسلطة الدولية التي تتمتعون بها، ودعمكم السخي للأونروا، فإنكم تجلبون للطاولة الفلسطينية الإسرائيلية تجربتكم الخاصة بالنهوض من عقود من النزاع المسلح والانقسامات العميقة لتصبحوا قارة متحدة ينتعش فيها حقوق الإنسان والازدهار وحكم القانون. إن الفلسطينيين واللاجئين الفلسطينيين يتطلعون إلى مثل هذا التحول. ومن أجلنا، بقدر ما هو لأجلهم أيضا، دعونا نعمل سويا لتحقيق رؤيتهم النهائية بدولة فلسطينية قابلة للحياة تنعم بالسلام والأمن مع جيرانها.