في الوقت الذي ماتزال آثار الصراع واضحة يبقى الأمل والصمود راسخين بين الطلاب

12 أيار 2022
في الوقت الذي ماتزال آثار الصراع واضحة يبقى الأمل والصمود راسخين بين الطلاب

يندفع الفتيان والفتيات إلى شوارع مخيم اليرموك في دمشق فيما تعلو أصواتهم وضحكاتهم التي تعبر عن فرحتهم بانتهاء الدوام في المدرسة. فعلى الرغم من أن مخيم اليرموك في حالة دمار نتيجة للصراع في سورية- الذي يدخل الآن عامه الحادي عشر- إلا أن ذلك لم يؤثر على حماس الطلاب اللاجئين الفلسطينيين وشغفهم في التعلم. تستقل الطالبتان جنى وراما في مدرسة سعيد الحاج علي البديلة التابعة للأونروا الباص للذهاب إلى المدرسة حيث أن معظم مباني الأونروا في هذا المخيم بما فيها 16 مدرسة قد تعرضت لأضرارٍ كبيرة أثناء هذا الصراع.

وقبل بدء الأزمة في سورية عام 2011، كان مخيم اليرموك المفعم بالحياة يضم ما يقارب من 30٪ من اللاجئين الفلسطينيين في سورياة واليوم يزيد تأثير النزوح والمعاناة من صعوبة الظروف المعيشية في المخيم إذ كانت عائلتا جنى  وراما من بين 160,000 لاجئ فلسطيني اضطروا إلى مغادرة اليرموك عندما اندلعت أعمال العنف ونزحوا عدة مرات منذ ذلك الوقت ثم عادوا إلى المخيم بعد سنواتٍ من النزوح وهم يسعون جاهدين لاستعادة حياتهم مع بعضهم البعض.

عادت راما التي تبلغ 13 عاماً وعائلتها إلى مخيم اليرموك منذ حوالي أربع سنوات حيث كانوا أول من عاد إلى المخيم لكنهم لم يتمكنوا من إعادة تأهيل منزلهم المتضرر بسبب ارتفاع تكاليف الإصلاح. قالت راما : "كنا متحمسين للعودة إلى المخيم ولكننا مثقلون بحجم العمل الذي كان على والدي القيام به لإصلاح المنزل". في البداية، عانت أسرة راما كثيراً لاسيما وأنهم يعيشون في ظروف سيئة تحيط بهم المباني المدمرة في المخيم ويعيشون الآن جميعاً في منزل صديق للعائلة.  وأضافت راما:"لا يوجد في الغرفة التي نعيش فيها أي شيء ولكن الأمور بدأت تتحسن ببطء وقمنا بشراء أشياء للمنزل". تمكنت راما من التسجيل في مدرسة سعيد الحاج علي البديلة التابعة للأونروا وبعد بدايتها الدراسية غير المستقرة أثبتت أنها طالبة ملتزمة. قالت راما وبفخر: "عندما وصلنا إلى المخيم قامت الأونروا بتسهيل عودتنا إلى المدرسة. لقد واجهت بعض الصعوبات في البداية لكنني عملت بجد وتحسنت علاماتي".

شجعت راما الطالبة في الصف السابع جنى التي تعيش الآن مع أسرة عمتها على العودة إلى مخيم اليرموك. قالت جنى: "عدنا إلى المخيم في عام 2019 ونعيش في منزل عمتي الذي تم ترميمه جزئياً". قام العديد من العائدين إلى المخيم بإصلاح منازلهم على قدر استطاعتهم وسط موجةٍ من ارتفاع أسعار مواد البناء حيث ما يزال استئجار المنازل مرتفعاً. فقدت جانا والدها في الصراع شأنها في ذلك شأن الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين وتقوم عمتها برعايتها. أوضحت جنى قائلة: "إن الوضع الآن أفضل مما كان عليه عندما عدنا لأول مرة إلى المخيم لكن الحياة ما تزال صعبة".

قالت جنى الطالبة في الصف الثامن وهي تستذكر اليوم الأول الذي التقت فيه براما إن قطةً صغيرة ساعدتها على تكوين صداقتهما. فكلاهما تحبان الحيوانات الأليفة بما في ذلك الكلاب والقطط والحمام والسلاحف وتشعران أن الحيوانات الأليفة يمكن أن تساعد في تقوية العلاقات وأن تجعلهما أكثر صبراً ومحبة. وفي المدرسة، كان لديهما متسع من الوقت للتعرف على بعضهما البعض وتكوين صداقة قوية مما ساعدهما على الدراسة والاستمتاع ببيئةٍ مريحة حيث يمكنهما النجاح والتعلم مؤكدتين: "نحب مدرستنا لأن معلماتنا يدعموننا ويتعاملن بلطف معنا".

وقبل أن توفر الأونروا الباصات لنقل الطلاب كانوا يسيرون بجانب أنقاض الحرب كل يوم للوصول إلى مدارسهم في منطقة الزاهرة المجاورة متحملين رحلة مخيفة لا تتوقف أبداً عن تذكيرهم بصعوبة النزوح حيث يشعرون بعدم الأمان في "مدينة الأشباح". تتذكر راما وجنى: "كنا نسير في منتصف الشارع تحيط بنا المباني السوداء والكلاب الشاردة ويعترينا الخوف من سقوط جدار مدمر على رؤوسنا والأنقاض تتراكم داخل أزقة المخيم الضيقة". لقد شجع توفير باص من الأونروا لنقل الطلاب على الذهاب إلى المدرسة.قالت راما وجنى بحماس: "نشعر بأمانٍ أكبر في استخدام الباص من المشي لمدة عشرين دقيقة للوصول إلى المدرسة يومياً".

تسعى الأونروا جاهدة لضمان أن يقوم برنامجها التعليمي بتوفير تعليم نوعي لأطفال اللاجئين الفلسطينيين الذي سيساعدهم على بناء قدرتهم على الصمود ومستقبلهم.

لم يكن بإمكان جنى وراما الحصول على التعليم بدون التبرع السخي من المانحين مثل حكومة اليابان. فمن خلال مشروع "دعم عمليات الأونروا في سورية" الذي يساهم في نداء الطوارئ الخاص بسورية تمكّن اليابان الأونروا من تقديم تعليم نوعي ومنصف وشامل لحوالي 50,000 لاجئ فلسطيني في 102 مدرسة في سورية.

ولطالما كانت حكومة اليابان مانحاً ثابتاً للأونروا فقد دعمت الوكالة منذ عام 1953. وفي عام 2021، كانت حكومة اليابان خامس أكبر مانح  للأونروا. تشكر الوكالة مجتمع المانحين على الدعم الدائم من المانحين مثل حكومة اليابان مما مكّن الوكالة من تقديم خدماتٍ حيوية للاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط في خضم التحديات المستمرة.