أنت هنا
إحاطة الاونروا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قدمتها نائب المفوض العام للأونروا السيدة أنطونيا دي ميو
إحاطة الأونروا لمجلس الأمن كلمة السيدة أنتونيا دي ميو، نائبة المفوض العام للأونروا للدعم العملياتي
السيد الرئيس، أصحاب السعادة،
أشكركم على منح الأونروا هذه الفرصة لتقديم إحاطة لمجلس الأمن في هذا الوقت الحاسم.
إن الأونروا هي العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في غزة، لكنها تواجه تحديات هائلة. غزة في حالة خراب، ويلوح في الأفق خطر اندلاع حرب إقليمية على نطاق أكبر. وفي الوقت نفسه، تتعرض الوكالة لهجوم غير مسبوق، بما في ذلك التهديد الوشيك بطردها من القدس الشرقية المحتلة وتصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل الكنيست الإسرائيلي. يتقلص حيز عملياتنا في الأرض الفلسطينية المحتلة يومًا بعد يوم.
تستدعي هذه التطورات الاهتمام العاجل - والتحرك - من هذا المجلس.
السيد الرئيس،
منذ ما يقرب من 10 أشهر، عاش الفلسطينيون والإسرائيليون معاناة لا توصف، وحزنًا وأسىً وخسارة. ولا يزال أكثر من مليوني شخص في غزة محاصرين في كابوس لا نهاية له من الموت والدمار على نطاق مذهل، حيث يهيمن على حياتهم الخوف، والعطش، والجوع، والمرض، والتجريد من الإنسانية، والافتقار إلى الصرف الصحي الأساسي، والنزوح المتكرر. إنها معاناة ونضال مستمر، وغالبًا ما يكون كل ساعة، يومًا بعد يوم. كما لا تزال المجاعة تشكل خطرًا، بما في ذلك في جنوب غزة، وأما الأمراض المعدية فهي في ازدياد.
يتحمل الأطفال العبء الأكبر، حيث يوجد 625,000 طفل مصاب بصدمات نفسية عميقة وخارج النظام المدرسي. قبل السابع من أكتوبر، كان نصفهم يذهبون إلى مدارس الأونروا. ومع اندلاع هذه الحرب وبعد وقت قصير من جائحة كوفيد-19، فإننا نخاطر بحرمان جيل كامل من الفتيات والفتيان من التعليم الرسمي، وبذلك زرع بذور الكراهية والاستياء والصراع في المستقبل.
لا يمكن للتعليم الانتظار، ولهذا السبب، وحتى في خضم التحديات الهائلة التي تفرضها الحرب، فإننا ملتزمون، بالتعاون مع شركائنا في الأمم المتحدة، باستئناف التعليم لجميع أطفال غزة. ويبدأ ذلك في الأسبوع المقبل بتوفير الدعم في مجال الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي؛ والانتقال إلى تعليم القراءة والكتابة والرياضيات في بيئات غير رسمية؛ وتتوج هذه العملية بالعودة إلى التعليم الرسمي في المدارس.
أعضاء المجلس الكرام،
لقد تبنى مجلس الأمن بالفعل عدة قرارات تهدف إلى إنهاء هذه الحرب من خلال وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية. لدى الأونروا آلاف الموظفين على الأرض، يتولون قيادة العملية الإنسانية بالتعاون الوثيق مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى. ولقد رحبنا بتبني هذه القرارات في نيويورك. ولكن في غزة، لم نشهد سوى تأثير ضئيل للغاية. وبدلاً من ذلك، يستمر القتال دون أي هدنة، وتستمر المعاناة في التصاعد.
وكما سيصف زميلي، المنسق المقيم السيد مهند هادي، بمزيد من التفصيل، فإن تقديم المساعدات الإنسانية يظل مهمة مستحيلة وسط العمليات العسكرية، وانعدام الأمن، وانعدام القانون، والبنية الأساسية المدمرة والمتضررة، ونقص الوقود، والقيود المفروضة على الوصول والاتصالات.
لقد أصبح تجاهل القانون الإنساني الدولي في غزة أمرًا شائعًا الآن. لا تزال النساء، والأطفال، والصحفيون، والعاملون في المجال الإنساني، يدفعون ثمنًا باهظًا بشكل مأساوي. والأونروا ليست استثناءً. فقد قُتل حتى الآن 199 من الزميلات والزملاء، الغالبية العظمى منهم مع عائلاتهم. لقد تعرض ما يقرب من ثلثي منشآت الوكالة، نحو 190 مبنى، للقصف، وبعضها مرتين. كما هدمت العديد من مدارسنا ولم تعد صالحة للاستخدام كمدارس. وفي الأسبوعين الماضيين وحدهما، تعرضت 8 مدارس تابعة للأونروا، كانت جميعها بمثابة مراكز إيواء للنازحين، للقصف. كما دمرت مكاتبنا الرئيسية في غزة إلى الحد الذي جعل من المستحيل التعرف عليها. وقُتل أكثر من 560 نازحاً، بما في ذلك العديد من النساء والأطفال، أثناء تواجدهم في مراكز الإيواء تحت علم الأمم المتحدة. وفي هذا الأسبوع فقط، تعرضت قافلتان تابعتان للأمم المتحدة كانتا متجهتين للشمال لإطلاق النار، على الرغم من التنسيق، وحالة فض الاشتباك، والترخيص من الجيش الإسرائيلي.
لا ينبغي أن يكون العاملون في المجال الإنساني هدفاً للحرب. ولابد من حمايتهم في جميع الأوقات وفي جميع المواقع. ولكن في غزة، تعرضوا في كثير من الأحيان للهجوم، وأصيبوا، بل وقتلوا. لقد قلنا ذلك مرات عديدة من قبل، وأكرره مرة أخرى: لا يوجد مكان آمن في غزة. ولا أحد آمن، بما في ذلك العاملون في مجال المساعدات الإنسانية.
أعضاء المجلس الكرام،
إن الجهود المتضافرة لتفكيك الأونروا مستمرة بلا هوادة. وبينما أتحدث اليوم، تم رفض منح العديد من موظفي الأمم المتحدة، فضلاً عن موظفي المنظمات غير الحكومية، تأشيرات للدخول لإسرائيل. وانتهت صلاحية تأشيرة المفوض العام للأونروا منذ أكثر من شهر ولم يتم تجديدها بعد. وبالنسبة لموظفي الأمم المتحدة الذين مُنحوا تأشيرات، فإن هذه التأشيرات صالحة فقط لشهرين أو ثلاثة أشهر، الأمر الذي يستدعي عمليات بيروقراطية متكررة وطويلة.
تنتشر المعلومات المضللة والمغلوطة حول الأونروا على وسائل التواصل الاجتماعي، وتتجاوز في بعض الأحيان خط التحريض على العنف. وهذا يعرض جميع زملائنا لخطر جسيم، وخاصة في الأرض الفلسطينية المحتلة.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، في 22 تموز/يوليو، وافق الكنيست الإسرائيلي في القراءة الأولى على ثلاثة مشاريع قوانين تشريعية تتعلق بالأونروا: مشروع قانون يسعى إلى حظر عمليات الأونروا في القدس الشرقية المحتلة؛ ومشروع قانون ثان يسعى إلى إلغاء امتيازات الأمم المتحدة والحصانات الممنوحة للأونروا منذ عام 1949؛ ومشروع قانون ثالث يصنف الأونروا كمنظمة إرهابية. ولكي تصبح هذه المشاريع قوانين سارية المفعول، فلابد وأن تمر بالقراءتين الثانية والثالثة في الكنيست.
تشكل مشاريع القوانين هذه استخفافا بالمسؤوليات المتعددة الأطراف للدول الأعضاء. وهي تقوض أسس القانون الدولي والمعايير المتعددة الأطراف. وإذا تم تمرير هذه المشاريع، وهو ما قد يحدث في وقت مبكر من الأسبوع المقبل، فستكون العواقب وخيمة وفورية: فهي سوف تضع جميع موظفي الأونروا وتفويض الجمعية العامة في خطر مباشر. وبينما ستواجه الأونروا التأثيرات مباشرة، فلا شك أن منظومة الأمم المتحدة بأكملها في مختلف أنحاء العالم سوف تشعر بالتأثيرات في المستقبل. ولا يمكننا أن نسمح بأن يصبح هذا معيارا جديدا للعمليات الإنسانية المستقبلية في مناطق الصراع في مختلف أنحاء العالم.
السيد الرئيس،
غالبا ما يتم تأطير الحملة ضد الأونروا من قبل المنتقدين على أنها مدفوعة بالفشل المزعوم بأن الوكالة أخفقت في التمسك بالمبدأ الإنساني المتمثل في الحياد. ففي أعقاب مزاعم خطيرة تفيد بأن العديد من موظفي الأونروا في غزة كانوا متورطين في الهجمات البغيضة ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فتح مكتب خدمات الرقابة الداخلية تحقيقاً، وأطلق الأمين العام مراجعة مستقلة لكيفية التزام الأونروا بالحياد في عملها. ولا يزال التحقيق الذي يجريه مكتب خدمات الرقابة الداخلية في المزاعم الموجهة ضد الأفراد مستمراً. وإذا ثبتت صحة أي من هذه المزاعم، فإن هذا يشكل خيانة مروعة للاجئي فلسطين والأونروا، ولقيم الأمم المتحدة.
وفي الوقت ذاته، نشرت المراجعة المستقلة نتائجها في أبريل/نيسان وأكدت أن الأونروا، وهنا أقتبس "تتمتع بنهج أكثر تطوراً في الحياد مقارنة بغيرها من الكيانات المماثلة التابعة للأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية". وأكدت المراجعة كذلك أن حماية الحياد مسؤولية مشتركة بين الأمم المتحدة والدول الأعضاء، وخاصة الدول الأعضاء التي توجد فيها كيانات تابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك إسرائيل. وتلتزم الأونروا بشكل كامل بتنفيذ توصيات المراجعة جنباً إلى جنب مع الدول الأعضاء بروح المسؤولية المشتركة. وتحقيقاً لهذه الغاية، نشكر أعضاء هذا المجلس على التوقيع على مبادرة "الالتزامات المشتركة تجاه الأونروا".
نحتاج إلى أن نقاوم معاً الدعوات إلى تفكيك الوكالة. إن الأونروا مستهدفة بسبب دورها في حماية حقوق لاجئي فلسطين، ولأنها تجسد التزام المجتمع الدولي بالتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم. إن الأونروا موجودة لأن الحل السياسي غير موجود. وهي موجودة لأن الدولة الفلسطينية التي من الممكن أن تقدم الخدمات العامة، عوضا عن الوكالة، غير قادرة على ذلك.
السيد الرئيس،
لإعادة تمهيد الطريق نحو السلام، نحتاج إلى دعم هذا المجلس. أرجو أن تسمحوا لي أن أختتم بثلاثة طلبات أحثكم عليها:
أولاً، أن تستمروا في جهودكم لتأمين وقف إطلاق النار. فهذا من شأنه أن يجلب الهدنة والراحة التي يحتاج إليها بشدة شعب غزة والمنطقة، والإفراج الفوري عن جميع الرهائن، وزيادة تدفق الإمدادات الإنسانية والسلع التجارية إلى غزة.
ثانياً، حماية ولاية الأونروا بما في ذلك ضمن إطار العمل الانتقالي. يجب أن تستمر الأونروا في تقديم الخدمات حتى يتم التوصل إلى حل سياسي. لا يوجد بديل موثوق للأونروا في غزة وفي أنحاء المنطقة. نحتاج إلى الدعم السياسي والمالي الآن أكثر من أي وقت مضى لمواصلة مهمتنا الحيوية المتمثلة في خدمة أحد أكثر المجتمعات ضعفاً في العالم. ونأمل أن يتحدث هذا المجلس بصوت واحد ضد الهجمات - التشريعية أو غير التشريعية - على الوكالة.
ثالثاً وأخيراً، العمل على إيجاد حل سلمي لهذا الصراع المستمر منذ سبعة عقود. فكلما طالت الحرب في غزة، كلما ابتعدنا عن تحقيق حل سلمي من شأنه أن يجمع الفلسطينيين والإسرائيليين معاً، ويعترف بإنسانيتنا المشتركة، والتعافي، وتعلم المعايشة جنباً إلى جنب في سلام وأمن. ولابد أن يؤدي هذا الحل أيضاً - أخيراً - إلى إنهاء محنة لاجئي فلسطين.
شكراً لك السيد الرئيس.
الأونروا هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى. قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتأسيس الأونروا في عام 1949 وفوضتها بمهمة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئي فلسطين المسجلين في مناطق عمليات الوكالة إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم.
تعمل الأونروا في الضفة الغربية، والتي تشمل القدس الشرقية، وقطاع غزة، والأردن، ولبنان، وسوريا.
وبعد مرور ما يقارب خمسة وسبعين عاما، لا يزال عشرات الآلاف من لاجئي فلسطين الذين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم بسبب ما حصل في عام 1948 نازحين وبحاجة إلى دعم.
تساعد الأونروا لاجئي فلسطين على تحقيق كامل إمكاناتهم في التنمية البشرية، وذلك من خلال الخدمات النوعية التي تقدمها في مجالات التعليم، والرعاية الصحية، والإغاثة والخدمات الاجتماعية، والحماية، والبنى التحتية وتحسين المخيمات، والتمويل الصغير بالإضافة الى المساعدات الطارئة. يتم تمويل الأونروا بالكامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية.
تبرعكم سيساعد في توفير المساعدات الإنسانية الطارئة. تبرعوا اليوم