الأونروا: أوقفوا حملة إسرائيل العنيفة ضدنا

30 حزيران 2024
محمد صابر / إي بي أي ، من خلال موقع الشترستوك

بقلم فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا


لقد أسفرت الحرب في غزة عن تجاهل صارخ لمهمة الأمم المتحدة، بما يشمل الهجمات الشنيعة على موظفي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين، وعلى مرافقها وعملياتها.

ينبغي أن تتوقف هذه الهجمات ويجب على العالم أن يتحرك لمحاسبة مرتكبيها.

وبينما أكتب هذه السطور، فقد تحققت وكالتنا من مقتل ما لا يقل عن 193 من موظفينا في غزة. وكذلك تعرض ما يقرب من 190 مبنى للأونروا للأضرار أو للتدمير. كما تعرضت  مدارس الوكالة للهدم، وقُتل ما لا يقل عن 500 نازح أثناء إيوائهم في مدارس الأونروا وغيرها من المباني. ومنذ السابع من أكتوبر، قامت القوات الإسرائيلية باعتقال موظفي الأونروا في غزة، الذين أفادوا بتعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة أثناء احتجازهم في قطاع غزة أو في إسرائيل.

يتعرض موظفو الأونروا للمضايقة والإهانة بشكل منتظم عند حواجز التفتيش الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية. وتستخدم القوات الإسرائيلية وحماس والجماعات الفلسطينية المسلحة الأخرى منشآت الوكالة لأغراض عسكرية.

إن الأونروا ليست الوكالة الوحيدة للأمم المتحدة التي تواجه الخطر. حيث تعرضت مركبات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى إطلاق النيران في نيسان ، على ما بدا أنه غير مقصود، ولكنه حدث برغم التنسيق مع السلطات الإسرائيلية.

وقد امتدت الاعتداءات على الأونروا وصولا للقدس الشرقية، حيث قام  أحد أعضاء بلدية القدس في التحريض على الاحتجاجات ضد الأونروا. ومن ثم ازدادت وتيرة خطورة التظاهرات، مع وقوع ما لا يقل عن هجومي حرق متعمدين على مجمع الأونروا، وتجمع حشد من بينهم أطفال إسرائيليون خارج مقرنا وهم يهتفون "أحرقوا الأمم المتحدة". وفي أحيان أخرى، رشق المتظاهرون الحجارة على مكتبنا الرئيسي هناك .

ولا يهدد المسؤولون الإسرائيليون عمل موظفينا ومهمتنا فحسب، بل ينزعون أيضا الشرعية عن الأونروا من خلال وصفها  بأنها منظمة إرهابية تشجع التطرف ووصم قادة الأمم المتحدة بالإرهابيين المتواطئين مع حماس. ومن خلال القيام بذلك، فإنهم يخلقون سابقة خطيرة تتمثل في الاستهداف المتكرر لموظفي الأمم المتحدة ومرافقها .

كيف يمكن أن يكون هذا ممكنا؟ وأين هو  الغضب الدولي؟  يمثل غيابه  مثابة تصريح لتجاهل الأمم المتحدة ويفتح الباب أمام الإفلات من العقاب وانتشار الفوضى. وإذا تسامحنا مع مثل هذه الهجمات في السياق الخاص بإسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، فلن نتمكن من التمسك بالمبادئ الإنسانية في نزاعات أخرى حول العالم. إن هذا الاعتداء على الأمم المتحدة سيزيد من إضعاف أدواتنا للسلام ومن قدرتنا على الدفاع ضد الأعمال اللاإنسانية في جميع أنحاء العالم. ويجب ألا يصبح هو المعيار الجديد.

وفي حين أن إسرائيل كانت معادية للأونروا منذ فترة طويلة، إلا أنها في أعقاب الهجمات البغيضة التي وقعت في 7 أكتوبر ، أطلقت حملة لمساواة الأونروا بحماس وتصوير الوكالة على أنها تروج للتطرف. وفي بعد جديد لهذه الحملة، أطلقت الحكومة الإسرائيلية مزاعم خطيرة بأن موظفي الأونروا متورطون في هجوم حماس.

ما من شك في أنه يجب التحقيق مع الأفراد المتهمين بارتكاب أعمال إجرامية، بما في ذلك الهجوم على إسرائيل. وهذا بالضبط ما تفعله الأمم المتحدة. يجب محاسبة هؤلاء الأفراد من خلال الملاحقة الجنائية، ومعاقبتهم إذا ثبتت إدانتهم.

ويشرف مكتب خدمات الرقابة الداخلية، وهو أعلى هيئة تحقيق في منظومة الأمم المتحدة، على هذا التحقيق. ويحقق المكتب في الادعاءات الموجهة ضد 19 من أصل 13,000 موظف في الأونروا في غزة. وحتى الآن، تم إغلاق قضية واحدة لعدم وجود أدلة. وتم تعليق أربع قضايا لعدم كفاية المعلومات لمواصلة التحقيق. ولا تزال 14 قضية أخرى قيد التحقيق.

علينا أن نميز بين سلوك الأفراد وولاية الوكالة لخدمة لاجئي فلسطين. إنه لمن الظلم والتضليل مهاجمة مهمة الأونروا على أساس هذه الادعاءات.

بعيدا عن هذه القضايا، كانت هناك مزاعم أخرى بالتواطؤ مع حماس، والتي أعتقد أنها جعلت - في نظر البعض - العاملين في المجال الإنساني التابع للأمم المتحدة وأصولها أهدافًا مشروعة. وهذا خطر على العاملين في الأمم المتحدة في كل مكان. ينبغي على العالم أن يتصرف بشكل حاسم ضد الهجمات غير المشروعة على الأمم المتحدة، ليس فقط من أجل غزة والفلسطينيين، بل من أجل جميع الدول. إن اعتماد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للقرار رقم 2730 بشأن حماية العاملين في المجال الإنساني يعد تطوراً موضع ترحيب.

يحظى المجتمع الدولي بالوسائل والسبل للتصدي لارتكاب الجرائم الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، فإن حجم ونطاق الهجمات ضد موظفي الأمم المتحدة ومبانيها في الأرض الفلسطينية المحتلة في الأشهر الثمانية الماضية يستحق إنشاء هيئة تحقيق مستقلة ومخصصة بشكل عاجل، من خلال قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو الجمعية العامة، للتأكد من الحقائق، وتحديد المسؤولين عن الهجمات على وكالاتها. ويمكن لهيئة التحقيق هذه ضمان المساءلة، والأهم من ذلك، المساعدة في إعادة التأكيد على حرمة القانون الدولي.

 علينا أن ندافع بشكل هادف وذي مغزى عن مؤسسات الأمم المتحدة والقيم التي تمثلها أمام التمزيق الرمزي لميثاق  للأمم المتحدة. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال العمل المبدئي الذي تتخذه دول العالم والتزام الجميع بالسلام والعدالة.

 

فيليب لازاريني هو المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين.


    للإطلاع على النسخة الاصلية المنشورة على موقع نيويورك تايمز( باللغة الانجليزية) إضغط هنا
معلومات عامة: 

الأونروا  هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى. قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتأسيس الأونروا في عام 1949 وفوضتها بمهمة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئي فلسطين المسجلين في مناطق عمليات الوكالة إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم.

تعمل الأونروا في الضفة الغربية، والتي تشمل القدس الشرقية، وقطاع غزة، والأردن، ولبنان، وسوريا.

وبعد مرور ما يقارب خمسة وسبعين عاما، لا يزال عشرات الآلاف من لاجئي فلسطين الذين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم بسبب ما حصل في عام 1948 نازحين وبحاجة إلى دعم.

تساعد الأونروا لاجئي فلسطين على تحقيق كامل إمكاناتهم في التنمية البشرية، وذلك من خلال الخدمات النوعية التي تقدمها في مجالات التعليم، والرعاية الصحية، والإغاثة والخدمات الاجتماعية، والحماية، والبنى التحتية وتحسين المخيمات، والتمويل الصغير بالإضافة الى المساعدات الطارئة. يتم تمويل الأونروا بالكامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية.


تبرعكم سيساعد في توفير المساعدات الإنسانية الطارئة. تبرعوا اليوم

 

للمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال ب: