خطاب المفوض العام للأونروا أمام اللجنة الاستشارية

13 تشرين الثاني 2017
المفوض العام للأونروا بيير كرينبول (يسار) يتحدث أمام اللجنة الاستشارية للوكالة خلال اجتماعها نصف السنوي الثاني في الأردن بتاريخ 13تشرين الثاني 2017. الحقوق محفوظة للأونروا 2017، تصوير مروان بغدادي

يشيد المفوض العام للأونروا بيير كرينبول بقيام الوكالة ببناء والحفاظ على "واحدة من أنجح" مؤسسات التنمية البشرية في المنطقة، ويسلط الضوء على الجهود المشجعة لتحقيق الاستقرار المالي للأونروا ويختتم بدعوة عاجلة لاتخاذ إجراءات لإغلاق عجز قدره 77 مليون دولار في ميزانية الوكالة لهذا العام 


السيد الرئيس، 

السيد نائب الرئيس، 
السيد الأمين العام،
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،
المندوبون الموقرون،

كما هو الحال دوما، فإنه ليشرفني أن أشارك في اجتماع اللجنة الاستشارية هذا برئاسة صاحب السعادة السفير طارق عادل من مصر. وإنني أشكركم كثيرا على قيادتكم ودعمكم خلال هذه المرحلة الهامة. كما وأتقدم بالشكر أيضا لسعادة السفير توركوغلو من تركيا للدور الذي يلعبه كنائب للرئيس.

ويحضر الاجتماع اليوم أيضا أعضاء المجلس الذين أود أن أشيد بالتقدير لهم. إنهم رئيس اللجنة الفرعية السيدة أوني رامبول من النرويج ونائب الرئيس المهندس ياسين أبو عواد من الأردن والسيدة بريانا أولسن من الولايات المتحدة الأمريكية.

إن كرم الضيافة الذي تقدمه الحكومة الأردنية والمتمثل في تسهيل اجتماعات اللجنة الاستشارية لهو محط تقدير بالغ. وعلاوة على ذلك، وباعتباره المستضيف السخي لأكبر عدد من لاجئي فلسطين المسجلين، فإن الأردن شريك أساسي للأونروا. إن قوة العلاقة هذه قد تم التأكيد عليها في الاجتماع الذي جرى هذا اليوم مع معالي وزير الخارجية السيد أيمن الصفدي.

إن روح التعاون والدعم تلك قد انعكست أيضا في ملاحظاتكم الافتتاحية يا سعادة السفير اللوزي، وإنني أيضا أقدم الترحيب بك. إن الدعم الأردني لا غنى عنه للأونروا وللاجئين؛ وإنني في غاية الامتنان له وللمسؤوليات التاريخية التي تواصل البلدان المستضيفة تحملها تجاه لاجئي فلسطين.

وأود أن أقدم الترحيب أيضا لكافة أعضاء اللجنة الاستشارية وأن أعرب عن تقديري العميق لمشاركة وفد رفيع المستوى من بولندا وممثل البعثة الأندونيسية المتواجد معنا اليوم. وإنني أرى أن هذا تعبير قوي عن تنوع شراكاتنا.

وإنني أتطلع إلى جلسة مثمرة، وتحديدا فيما يخص التطورات في عام 2017 والتحديات الماثلة أمامنا وسبل الاستجابة لها. وبداية، والتزاما بالعادة فإنني أود أن أعلمكم عن التغيرات في فريق الإدارة العليا لدينا. لقد قمت بتعيين السيد حكم شهوان رئيسا لهيئة العاملين لدي، فيما يرأس السيد بيتر مولريان مكتبنا في نيويورك، مثلما تم مؤخرا تعيين إليزابيث كامبل لترأس مكتبنا في واشنطن العاصمة، وتسلم السيد ماتياس شميل مسؤولياته كمدير لإقليم عمليات غزة، وقد بدأ السيد عبدالرحمن إينتي للتو عمله كمدير للتخطيط في الأونروا.

لقد كانت هذه سنة خاصة بالنسبة للأونروا ولأصحاب المصلحة فيها. لقد قمنا بخلق مشاركة متجددة مع الجمعية العامة للأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها، وتمتعنا بسنة خاصة على وجه التحديد معكم أنتم أعضاء اللجنة الاستشارية. وبوحدة ملهمة قمتم بالاستجابة إلى النداء من أجل تكثيف التفاعل مع الوكالة وإعادة تأكيد دعمكم لها.

إن حشد الدعم الدبلوماسي والسياسي في عام 2017 قد كان عالميا بحق، إلا أنه ليشرفني على وجه التحديد أن أعترف بالقيمة الكبيرة التي قمتم أنتم بإضافتها إلى هذه التعبئة. كما وأن عملية المشاورات غير المسبوقة في الأمم المتحدة بدءا من كانون الثاني وحتى آذار، والتقرير الذي رفعه الأمين العام بخصوص تمويل "كاف وقابل للتوقع ومستدام" للأونروا، ومتابعة توصياته تعد كلها معالم مفصلية جديدة قمتم بالمساعدة في إرسائها.

كان دور الدول المستضيفة ضروريا طوال العملية، وفيما يتعلق بعملية المشاورات في نيويورك، فإنني أعترف تحديدا بدور فلسطين التي كانت دبلوماسيتها ومتابعتها بدون نظير.

وأكرر امتناني وتقديري بوفود سويسرا وتركيا لمساهماتهم القيمة. وهذا يشمل المضمون الذي قمتم بتزويده للأمين العام والذي استند تقريره إليه، وهي وثيقة حية بالفعل ينبغي لها أن تعزز من حشد الموارد للأونروا لسنوات قادمة.

وعلاوة على ذلك، فإنني أقدر بحرارة الدعم المصري خلال هذه العملية، علاوة على المبادرات الأخيرة لسعادة السفير عادل دعما لجهودنا في جمع التبرعات. وإنني أقدر هذا عاليا يا سعادة السفير. وسأقوم وبكل ثقة بالمتابعة مع مصر في الفترة القادمة بصفتها رئيسا للجنة الاستشارية حتى الثلاثين من حزيران 2018.

التحديات

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة، السيدات والسادة،

ستستمعون وبشكل أكثر تفصيلا في الجلسة القادمة عن عملياتنا مباشرة من مدراء العمليات في الأقاليم، ولكن اسمحوا لي أن أشارككم بعض الأفكار في البداية.

في كل زيارة قمت بها إلى أقاليم عملياتنا هذا العام، شاهدت عمق اليأس والتوقعات المتزايدة من مختلف الجهات. وفي عام 2017، وكما نعلم جميعنا، أحيا الفلسطينيون الذكرى الخمسين للاحتلال الإسرائيلي في حزيران، وعشر سنوات من الحصار على غزة فيما دخل النزاع السوري عامه السابع.

وبصدق، فإنه لا يمكننا أن نشعر باللامبالاة حيال ألم ومعاناة لاجئي فلسطين.

ولا يمكننا أن نشعر باللامبالاة حيال ما يعنيه الاحتلال في حياة اللاجئين الأفراد.

ففي الضفة الغربية، فإنه يعني العيش في فضاء محطم يعيشون فيه محاصرين داخل جيوب.

وفي المتوسط، تقوم قوات الأمن الإسرائيلية بعمليتي اقتحام داخل مخيمات اللاجئين كل يوم. إن العمل الميداني الذي قام به هذا العام خبراء صحة مشهورين يشير إلى أن سكان مخيم عايدة في بيت لحم معرضون لقنابل الغاز المسيل للدموع أكثر من أي مجموعة من السكان شملهم المسح عالميا.

وفي قطاع غزة، فإن الاحتلال يعني أن الكابوس الإنساني يتكشف تحت أنظارنا. إن عشر سنوات من الحصار قد أدت إلى أعلى معدل للبطالة في العالم. كما أن الكهرباء والمياه النظيفة تعد أمرا نادرا. وباستثناء العدد القليل المسموح لهم بالسفر، فإنه ليس هنالك بالنسبة لسكان القطاع الذين يبلغ تعدادهم مليوني شخص – يشملون حوالي 1,3 مليون لاجئ - من مخرج من غزة. كما أن أزمات الصحة الجسدية والصحة العقلية تعني أن الأمور ستزداد سوءا.

وفي سوريا، أدت الكارثة التي تستعر منذ عام 2011 إلى تشتيت مجتمع لاجئي فلسطين الذي كان متماسكا. وقد تعرضت الجذور الاجتماعية لهذا المجتمع للضرب جراء خمس سنوات من القتال الحضري الذي لا يرحم. وفي سائر أرجاء سوريا، فإن غالبية اللاجئين قد تم اقتلاعهم؛ فيما قام 120,000 شخص منهم بالفرار خارج البلاد ليصبحوا ضحايا ثاني أكبر نزوح خارج الحدود للفلسطينيين بعد عام 1948.

أما أولئك الذين نزحوا داخل سوريا فإنهم يحاولون، بأعداد قليلة، العودة للمخيمات أو إلى بيوتهم في أماكن أخرى. إلا أن النزاع لا يزال يستعر؛ وليس هنالك ضمانات للسلامة. وبالنسبة للذين لا يزالون في سوريا، والذين يبلغ تعدادهم 440,000 شخص، فإن معظمهم قد تم سلبهم من سبل معيشتهم ونضبت أصولهم وأصبح العيش محفوفا بالمخاطر إذا ما أرادوا البقاء على قيد الحياة. وحتى عندما تسكت أصوات البنادق، فإن الصراع سيتواصل في الأماكن المدمرة في حلب وخان الشيح واليرموك ودرعا.

وفي لبنان، فإن الحرمان من الحقوق يعني أن لاجئي فلسطين مبعدون عن معظم الفرص الاقتصادية والاجتماعية خارج المخيمات. وهو يعني أيضا أنهم يعانون من واحدة من أعلى معدلات الفقر في المنطقة، ويعيشون أيامهم في مخيمات شديدة الاكتظاظ تشهد ارتفاعا في مستوى الجريمة.

وحتى هنا في الأردن، حيث يعيش اللاجئون نسبيا في حالة من الأمن، فإننا لا نزال قلقين حيال كرامة اللاجئين المعرضين للمخاطر.

وفي ظل هذا المشهد القاتم، فإن لاجئي فلسطين بحاجة إلى أفق.

ولذلك فإننا نرحب بقوة بعملية الحوار بين الفصائل الفلسطينية، وأود أن أشيد بدور مصر في هذا الصدد. لقد شاهدت رئيس الوزراء حمدالله يصل إلى غزة في الشهر الماضي، وهي خطوة أولى ينبغي أن تكون الطريق نحو السيادة الفلسطينية في الأراضي المحتلة. لقد كانت لحظة تاريخية أطلقت العنان للأمل على نطاق لم أشهد له مثيلا خلال الثلاث سنوات والنصف التي عشتها وعملت فيها في المنطقة. لقد اصطف عشرات الآلاف من الأشخاص في الشوارع للترحيب برئيس الوزراء والوفد المرافق له. وتجمع مئات الآلاف من الأشخاص يوم السبت لإحياء ذكرى وفاة الرئيس عرفات، وتحديدا الشباب الفلسطيني الذي يبحث عن طريق للمضي قدما.

إن هذه لحظة، أيتها السيدات والسادة، ينبغي أن يتم اقتناصها من كافة أصحاب العلاقة. وإنني أعتقد بصدق أنها ليست لحظة للتردد. لقد آن أوان الانخراط في العمل.

واسمحوا لي أن أشارككم رأيا شخصيا حيال وضع لاجئي فلسطين. إنني أسمع كثيرا عبارات الإعجاب بقدرتهم على الصمود. إن هذه القدرة هي شيء نملكه جميعا، يتيح لنا أن نتحمل ونتقبل الصدمات التي لا مفر منها في الحياة مثل وفاة قريب أو النجاة من كارثة طبيعية. إلا أنه لا يوجد هناك أمر حتمي في وضع لاجئي فلسطين. إن تغيير وضعهم أمر بالغ الأهمية، من خلال حل سياسي يتقبله الجميع.

وأود القول أيضا أن التغلي على الجروح العميقة، والشخصية غالبا، للنزاع يتطلب من الناس أن يعيدوا اكتشاف الإنسانية في الآخر. فبدون الاعتراف بألم الآخرين سيظل السلام هشا.

الإنجازات

السيدات والسادة،

في ظل هذه الخلفية من المشقة وعدم الاستقرار الشديدين، تواجه الأونروا تحديات استثنائية على كافة الأصعدة، ومع ذلك فهي تواصل العمل وتحقيق النتائج. ودعوني أنتقل إلى بعض من تلك النتائج.

بدعم منكم، بنت الأونروا وحافظت على واحد من أكثر عمليات التنمية البشرية نجاحا في المنطقة. وهي عملية تستحق اهتماما متواصلا واستثمارا، وتعد مساهمة لا غنى عنها لتحقيق الكرامة الإنسانية وللسعي وراء إعمال حقوق الإنسان علاوة على الاستقرار الشخصي والإقليمي.

ومع وجود 515,000 طالب وطالبة مسجلين في نظامنا التعليمي الأساسي، فإننا نقوم بتسليح هذا الجيل من اللاجئين بالمعرفة والمهارات لكي يعيشوا حياة منتجة وآمنة، حياة أفضل. وبفضل توازن أعداد الطلاب بين الجنسين في مدارسنا، التي يبلغ عددها 711 مدرسة، فإن الفتيات اللاجئات هن من بين الأفضل تحصيلا.

في السنوات الخمس الماضية، عمل نظام الأونروا للرعاية الصحية على تحديث نفسه بشكل كامل. 

وقد عمل نظام الرعاية الصحية الأولية لدى الأونروا على استحداث نفسه في السنوات الخمس الماضية. لقد قمنا بتضمين مفهوم طبيب الأسرة، ووضعنا حدا لممارسة وصف المضادات الحيوية كعلاج بشكل مبالغ فيه، علاوة على قيامنا بمعالجة الأمراض غير السارية.

وفي غزة، قامت 85,000 عائلة – بمساعدتنا – بإعادة بناء مساكنها التي تعرضت لأضرار أو تدمرت خلال الأعمال العدائية التي جرت في عام 2014.

إن العمل على استدامة إنجازاتنا يعد أمرا ذا أولوية، وتحديا خطيرا أيضا. إن الحاجة لتحسين الجودة وتلبية الاحتياجات المتزايدة، وفي نفس الوقت احتواء الكلف المرتفعة، تعد المحددات التي نعمل بشكل مستمر على الاستجابة لها.

ولذلك، ومع توقع اللاجئين والدول المستضيفة والدول المانحة اتخاذ إجرءات حيال هذه المحددات، فقد قامت الأونروا في السنتين الماضيتين بعمل تغييرات تحويلية في عمليات البرمجة والإدارة والإسناد وتقديم الخدمة.

لقد تم تصور الإصلاحات الرئيسة، كما تم ذكره في الخطابات السابقة، في استراتيجيتنا متوسطة الأجل للأعوام 2016-2021. وقد سمحت الاستراتيجية بأن يتم  تنفيذها على مدار ست سنوات. وبدلا من ذلك، قررنا أن نقوم بتحميل الإصلاحات مبكرا، وخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2016 قمنا ببعض من أشد التحولات صعوبة. وقد كانت المخاطر السياسية والمخاطر على صورة وسمعة الوكالة كبيرة إلا أن الإصلاحات كانت ضرورية من وجهة نظرنا.

وبحلول منتصف عام 2016، كانت المعونة الغذائية المقدمة للاجئين الأشد عرضة للمخاطر والإعانات المخصصة من أجل الرعاية الحرجة في المستشفيات وحجم الفصول الدراسية في مدارسنا وعملية التوظيف وحجم القوة العاملة لدينا قد تحولت في العديد من أقاليم عملياتنا.

وفي عام 2016، تم إدخال أدوية الكوليسترول (الستاتين) لأول مرة إلى عياداتنا وذلك من أجل مكافحة مرض القلب الذي يعد السبب الرئيس للوفاة في أوساط لاجئي فلسطين وأحد أكثر الأمراض غير السارية كلفة من حيث العلاج. وتم تعويض التكاليف من خلال الابتكارات في مجال المشتريات الطبية.

وتتواصل الإصلاحات حتى الوقت الحاضر. ففي هذا العام سنبدأ بتطبيق التغييرات في برنامجنا للتمويل الصغير، والذي أود أن أنوه بأنه قد تم تقييمه مؤخرا من قبل مؤسسة مايكروفاينانزا – وهي سلطة دولية متخصصة في هذا المجال – وحصل على علامة "أ+" في معيار الأثر الاجتماعي، وهو بذلك يصبح المؤسسة الأولى للتمويل الصغير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تحصل على هذا التقييم. إن إصلاحاتنا في برنامج التمويل الصغير ستعمل على تحسين أدائه أكثر، حيث أنه سيتم منح المزيد من القروض للمزيد من العملاء الذين يعملون على بناء سبل كسب معيشتهم. ويغطي البرنامج النفقات التشغيلية من خلال دخله المتأتي من القروض؛ وسيتم افتتاح فروع جديدة في أقاليم العمليات من أجل دعم الإصلاحات بدون كلفة على الأونروا.

وتقدر الأونروا بأنها لو لم تقم بإجراء الإصلاحات الرئيسة في عامي 2015 و 2016، فإن موازنتها البرامجية كانت ستصبح أعلى في عام 2017 بمبلغ 81 مليون دولار.

وهناك تحد آخر كبير نواجهه ألا وهو الحيادية. إن الحيادية أمر هام بالنسبة للأونروا، وللأسف فإنني أرى غالبا أنه يتم تحريفها من قبل الأطراف الأخرى. وأود أن أؤكد على أن الأونروا لديها نظام تنظيمي قوي يعزز الحيادية، وهو نظام شامل وأعتقد أن الأونروا، وبطرق هامة، تذهب أبعد من غيرها في التمسك بمبادئ الحيادية. إن لدينا سياسات وبروتوكولات لمنع ومراقبة وكشف قضايا الحيادية والتعامل معها إن حدثت، وهي تغطي مجالات متعددة.

وأود، من خلال إيراد حالتين، أن أبين كيف أننا في هذا العام قد توجب علينا التعامل مع مسألتين هامتين من مسائل الحيادية واللتين أعلنت عنهما للرأي العام في مناسبات أخرى. فمن خلال تحقيق داخلي تم القيام به في وقت سابق من هذا العام، وجدنا أن إثنين من موظفينا قد تم انتخابهما في مناصب في حماس بقطاع غزة. وقد تم إنهاء خدمات هذين الموظفين. لقد تم اتخاذ هذه الإجراءات بشكل سريع – في زمن قياسي، للحقيقة. ولاحقا اكتشفنا ما يبدو أنه أنفاق تحت مدرستين تابعتين للأونروا. لقد تم العمل على التحقق من هذا الأمر بسرعة وتم إغلاق الأنفاق. لن تسمح الأونروا بأن تتعرض نزاهة عملياتها أو أمن طلبتها وموظفيها للخطر، كما لن تسمح بتقويض ثقة أصحاب المصلحة بها، سواء بهذه الطريقة أو بغيرها.

الوضع المالي

وقبل أن أختتم ملاحظاتي أمام اللجنة الاستشارية، فإنه علي أن أضعكم بصورة المستجدات حيال الوضع المالي للأونروا. فبعد أن أصدر الأمين العام تقريره هذا العام حول السبل الكفيلة بتأمين الصحة المالية للأونروا، قام أصحاب المصلحة بحشد جهودهم دعما للتوصيات.

لقد قمنا بتحقيق تقدم ملحوظ نحو تطبيقها، وتحديدا من خلال الخطط الرامية إلى تأسيس صندوق ائتماني للأونروا من البنك الدولي، وصندوق وقفي مقترح لدعم لاجئي فلسطين تحت رعاية بنك التنمية الإسلامي. وفي جدة وقبل أسبوعين من اليوم، عقدت جولة ثانية من الاجتماعات مع بنك التنمية الإسلامي وقيادات منظمة المؤتمر الإسلامي، وإنني ممتن للغاية للمناقشات الإيجابية من أجل المضي قدما بالمقترح. كما أنني ممتن أيضا لتركيا لدعمها في متابعة مسار الصندوق الوقفي.

وفي سياق تقرير الأمين العام، فقد تعهدت مجموعة من الدول الأعضاء من خارج منظومة اللجنة الاستشارية بتقديم زيادات كبيرة في التزاماتها المالية تجاه الأونروا، بما في ذلك روسيا والهند والصين وتايلاند وماليزيا والباكستان على سبيل المثال. إن هذا اتجاه نحن حريصون على تطويره. وعلاوة على ذلك، فإننا نستفيد من عدد متزايد من الاتفاقيات والالتزامات متعددة السنوات من أجل المحافظة على التبرعات السنوية أو زيادتها على المدى المتوسط.

إن هذه هي التطورات الهامة وأتمنى مرة أخرى أن أشيد بجهود بولندا وإندونيسيا في هذا الصدد.

وإضافة لذلك، تم اعتبار مساعدة الأونروا الإنسانية في الشهر الماضي مؤهلة لقبول التبرعات الخيرية كواحدة من مصارف الزكاة الإسلامية، وهذا يعد نجاحا للجهود الرامية إلى استفادة الأونروا من أكبر عدد ممكن من الأموال التي تم تحديدها في تقرير الأمين العام.

ولدى النظر إلى الوراء إلى السنة الماضية، فإنه علي أن اقول لكم، وسنتحدث عن هذا خلال الجلسة القادمة، بأننا تشجعنا للغاية من الجهود الكبيرة الجارية لتحقيق استقرار مالي للأونروا. إن هذا هدف يمكن تحقيقه؛ وسنعمل معكم من أجل تحقيقه في السنوات القليلة القادمة.

وللأسف، فإنه علي أن ألفت انتباهكم إلى العجز المالي في موازنتنا البرامجية لعام 2017 والبالغ 77 مليون دولار، والذي من شأنه أن يهدد خدماتنا الأساسية والحيوية للاجئين في كافة أقاليم العمليات.

وفي الجلسة الأخيرة للجنة الرابعة التابعة للجمعية العامة والتي عقدت في الثالث من تشرين الثاني في نيويورك، قمت بإعلام الدول الأعضاء بأنه ما لم يتم الحصول على أموال بحلول موعد انعقاد اجتماع اللجنة الاستشارية، فإنه سيكون علي البدء بالحديث عن اتخاذ إجراءات لتعليق العمل ببعض العمليات.

ونحن لا نزال اليوم نعاني من عجز بقيمة 77 مليون دولار. والآن، ولكي أكون واضحا وعمليا، فإن ما يعنيه هذا هو أننا قادرون على المحافظة على العمليات لما تبقى من هذا الأسبوع في أفضل الأحوال، ولذلك فإن أمامي بضعة أيام للنظر في ماهية الخطوات التي يتعين علينا اتخاذها إذا لم يتم تسلم أموال في أقرب فرصة ممكنة.

ولذلك، فإنني، وبكل تواضع واحترام وبصورة عاجلة، أحث المانحين المستعدين لتقديم تبرعات بأن يقدموا تلك التبرعات بصورة عاجلة لمساعدتنا في تجنب إيقاف عملياتنا في تشرين الثاني وكانون الأول. إن هذا أمر بالغ الأهمية. لقد ذكر هذا، وأود أن أذكره مرة أخرى، في الاجتماع الذي عقد في أروقة الرئاسة العامة للأمم المتحدة برعاية منظمة المؤتمر الإسلامي والذي استضافته كل من الأردن والسويد، وقد تم الحصول على تعهدات هناك. ومنذ ذلك الحين، لم يتم تقديم أي تعهد جديد.

إن مبلغ 77 مليون دولار يعد مبلغا كبيرا في هذه المرحلة، والعواقب المترتبة على تعليق برنامجنا ستكون خطيرة جدا على المنطقة. وإنني لعلى ثقة من أن شركاءنا لا يريدون الوصول لنقطة اللاعودة وآمل أن يتم إغلاق هذا العجز في وقت مبكر.

وفي اجتماع عقد مؤخرا، أشار أحد شركاء الأونروا المقربين بأن تمويله لا ينبغي أن يتم التعامل معه على أنه أمر مفروغ منه. وإنني أتفق تماما مع هذا المبدأ وأعيد التأكيد لأعضاء هذه اللجنة بأنني لن أقوم بأخذ الدعم على أنه أمر مفروغ منه. وعلى أية حال، فإنني أطلب في المقابل أن لا يقوم أي أحد بافتراض أنه أمر مفروغ منه أن يقوم آلاف موظفي الأونروا بمواصلة المخاطرة بحياتهم سنة بعد أخرى لكي تتمكن الأونروا من مساعدة اللاجئين في أماكن صعبة مثل حلب أو حمص أو درعا وأماكن ملأى بالتحديات مثل شاتيلا أو عين الحلوة وأماكن يشتد فيها التوتر والتعقيد كمخيم بلاطة أو شعفاط أو أماكن تحتد فيها الصعوبة مثل خان يونس أو بيت حانون.

إن الشركاء الإنسانيين، وأعتقد أننا جميعا في هذه الغرفة نشعر بذلك، لا يأخذون بعضهم البعض على أنهم أمر مسلم به. إنهم يعترفون بقيمة كل واحد فيهم؛ وهم يبنون على هذا الاعتراف. وإنني أقول لكل وفد في هذه الغرفة، فرادى وجمعا: دعونا نعمل على ضمان أن يبقى هذا هو المبدأ الذي نقوم من خلاله بتعزيز العمل الجيد الذي تقوم به الأونروا.

أشكركم على ثقتكم وعلى حضوركم ودعمكم.

معلومات عامة: 

تواجه الأونروا طلبا متزايدا على خدماتها بسبب زيادة عدد لاجئي فلسطين المسجلين ودرجة هشاشة الأوضاع التي يعيشونها وفقرهم المتفاقم. ويتم تمويل الأونروا بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية فيما لم يقم الدعم المالي بمواكبة مستوى النمو في الاحتياجات. ونتيجة لذلك فإن الموازنة البرامجية للأونروا، والتي تعمل على دعم تقديم الخدمات الرئيسة، تعاني من عجز كبير. وتدعو الأونروا كافة الدول الأعضاء للعمل بشكل جماعي وبذل كافة الجهود الممكنة لتمويل موازنة الوكالة بالكامل. ويتم تمويل برامج الأونروا الطارئة والمشروعات الرئيسة، والتي تعاني أيضا من عجز كبير، عبر بوابات تمويل منفصلة.

تأسست الأونروا كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة في عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لحوالي خمسة ملايين وأربعمائة ألف لاجئ من فلسطين مسجلين لديها. وتقتضي مهمتها بتقديم المساعدة للاجئي فلسطين في الأردن ولبنان وسورية والضفة الغربية وقطاع غزة ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية وذلك إلى أن يتم التوصل لحل عادل ودائم لمحنتهم. وتشتمل خدمات الأونروا على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير.