أنت هنا
ملاحظات المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني, الإحاطة الظهيرة (للصحافة) في على هامش مؤتمر التعهدات للأونروا
نيويورك
1 حزيران 2023
مساء الخير،
إنه لمن دواعي سروري بالتأكيد أن أعود إلى هنا في نيويورك. في الواقع، أنا هنا لأنه غدا سيكون هناك مؤتمر للتعهدات ينظمه رئيس الجمعية العامة بحضور الأمين العام للأمم المتحدة لدعم الأونروا.
وأعتقد أنه لا يخفى على الإطلاق على أي منكم أن الوكالة تمر بأزمة مالية هائلة. وهو إلى الحد الذي وصفت فيه مؤخرا الأزمة المالية بأنها التهديد الوجودي الرئيسي لنا عندما يتعلق الأمر بمقدرتنا على تنفيذ مهام الولاية الممنوحة للأونروا.
أعلم أنكم سمعتم أكثر من مرة عن الأزمة المالية وعن حقيقة أننا على وشك الانهيار، لدرجة أنها تبدو وكأنها أسطوانة مشروخة.
إلا أنه يمكنني أن أقول لكم إن الأزمة حقيقية. إنها تتعمق وقدرتنا على المضي قدمًا تتباطأ ، وبكل تأكيد تقترب من نهايتها.
وقد أصبحت الحالة أكثر خطورة الآن بعد أن أشار بعض مانحينا الملتزمين إلى أنهم سيخفضون تبرعهم للوكالة بشكل كبير.
وما زلت أقول للشركاء إن الأونروا ليست مثل أي وكالة إنسانية أو إنمائية أخرى تابعة للأمم المتحدة. هناك تفرد في هذه المنظمة والتفرد في هذه المنظمة هو أننا الوحيدون المكلفون بتقديم خدمات شبيهة بالحكومة. نحن، بحكم الأمر الواقع، وزارة التربية والتعليم ووزارة الرعاية الصحية الأولية ووزارة الخدمات الاجتماعية ووزارة الخدمات البلدية لواحد من أكثر المجتمعات عوزًا في المنطقة – مجتمع لاجئي فلسطين.
لذلك، فعندما نتحدث عن تكييف الإنفاق مع الموارد، فإنني لست في وضع يسمح لي بالقول: "حسنا، لأن لدينا موارد أقل بنسبة 20 بالمئة، دعونا نطلب من 20 بالمئة من أطفالنا مغادرة مدارسنا". بناء على أي معايير؟ لدينا ما يقرب من 550,000 فتاة وصبي في مدارسنا. لا يمكنني أن أقول في عام واحد إنني سأقبل 550,000 طالب وفي سنة أخرى سأقبل 100,000 طالب أقل ثم أعيد قبولهم بمجرد عودة التمويل.
ما هكذا هي الطريقة التي تدار بها الخدمات العامة.
ولكنني أيضا سلطت الضوء بلا كلل على الحالة التي نعايشها.
فمن ناحية، لدينا ولاية الجمعية العامة، وهي واضحة جدا، وتجدد كل ثلاث سنوات. وفي تشرين الثاني من العام الماضي، كنت أحث الدول الأعضاء بالقول: "تأكدوا من أننا لا نكتفي بالتصديق التلقائي على تجديد الولاية. يجب أن يكون ذلك مصحوبا بالتزام حقيقي وموارد حقيقية".
ومن ناحية أخرى، شهدنا على مدى السنوات العشر الماضية أن مواردنا قد ركدت. وفي الوقت نفسه، تعرضت المنطقة لأزمات متعددة وازدادت الاحتياجات. كما ازدادت توقعات لاجئي فلسطين تجاه الأونروا باعتبارها شريان الحياة الوحيد. لقد ارتفعت التكاليف. ومع ذلك، بقيت الموارد راكدة.
لذلك، أصبح التوتر ما بين التكاليف والموارد غير محتمل أكثر فأكثر.
وأخيرا وليس آخرا، هناك أيضا توقع ينشأ من سياق توقفت فيه العملية السياسية تمامًا. وفي سياق لم يعد فيه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يمثل أولوية بعد الآن، فإن هناك مجتمعات تتوقع من الوكالة أن تستمر في تقديم خدماتها وترى أن أي انخفاض في الخدمات هو إضعاف لحق لاجئي فلسطين في المستقبل. إن هذا يجعل أي تحول مستحيلا.
واستنادا إلى توقعاتنا - أفضل المعلومات المتاحة من كافة المانحين لنا - لن يكون لدينا أموال أو نقد متاح اعتبارا من أيلول للمحافظة على تشغيل مدارسنا ومراكزنا الصحية وغيرها من الخدمات الحيوية.
كما أننا نحتاج أيضا إلى تمويل إضافي لمواصلة عملياتنا الإنسانية. لذلك، فالأمر لا يقتصر على خدماتنا العامة، بل وأيضا على الخدمات الإنسانية في غزة وسوريا ولبنان والضفة الغربية، [التي تشمل القدس الشرقية].
كما أنني أقول بشكل مستمر للشركاء والمانحين - وسيكون ذلك أيضا جزءا من رسالتي غدا - أنه لا ينبغي لهم أن يأخذوا قدرتنا على الاستمرار في تقديم الخدمات كأمر مسلم به. عاجلا أم آجلا، سنصل إلى نقطة حاسمة.
وفي الآونة الأخيرة، كنت أصف وضعنا باستخدام الاستعارة، قائلا إننا مثل سفينة تغرق، لكنها لم تغرق بعد. لا يزال بإمكاننا عكس الأمر. وللحيلولة دون أن نغرق أكثر، فإننا نحتاج إلى اهتمام والتزام سياسيين حقيقيين.
يجب أن أقول إنه من المحير للغاية أن عقودا من التنمية البشرية، التي تم اكتسابها إلى حد كبير بفضل دعم المجتمع الدولي في المنطقة، قد تنقلب فجأة.
إن الأونروا هي واحدة من أفضل قصص النجاح الإنساني للأمم المتحدة في الشرق الأوسط وخارجه.
وهذا هو ما هو على المحك:
- أكثر من نصف مليون فتاة وصبي يمكن أن يحرموا من المدارس. إذا لم يكن لدينا نقود، فلا يمكننا دفع الرواتب، وإذا لم يكن لدينا رواتب، فلن يكون لدينا معلمون يديرون المدارس.
- الأمر نفسه ينطبق على الرعاية الصحية لأكثر من مليوني شخص.
- والأمر ذاته ينطبق على مساعداتنا الإنسانية لأكثر من 1,2 مليون شخص.
- وهو ذاته ما ينطبق على شبكة الأمان الاجتماعي للأشد فقرا.
وهكذا، فإن رسالتي غدا إلى الدول الأعضاء، وأيضا بعد مؤتمر إعلان التبرعات، هي أن ندق جرس الإنذار ونقول إن الوضع الراهن الذي نعايشه اليوم لم يعد خيارا بعد الآن. لم يعد الأمر محتملا بعد الآن. ولا يمكننا أن نستمر في الخوض فيه. نعم، ربما لبضعة شهور أخرى، وربما حتى لمدة عام واحد، لكن هذا يقترب ببطء ولكن بثبات من نهايته.
لذلك، فإنني غدا سأتقدم بطلبين رئيسيين:
ومن الواضح أن الطلب الأول هو أننا بحاجة إلى تمويل إضافي على أساس يمكن التنبؤ به وتمويل مرن يسمح لنا بمواصلة تشغيل مدارسنا ومراكزنا الصحية وغيرها من الأنشطة الحيوية.
ولكن ثانيا، وفي غياب حل سياسي عادل ودائم لمحنة لاجئي فلسطين، فإننا نحتاج أيضا إلى أونروا مستدامة يمكن التنبؤ بها بالنسبة للاجئين والبلدان المضيفة ولاستقرار المنطقة والمجتمع الدولي.
واسمحوا لي أن أختتم كلمتي بالقول إننا نقترب من السنة الخامسة والسبعين كوكالة مؤقتة. كان من المفترض أن نكون وكالة مؤقتة وما زلنا هنا بعد 75 عاما. إن هذا ليس شيئا يدعو إلى الابتهاج، في حد ذاته، لأنه يعني أيضا أننا، بشكل جماعي، لم نجد حلا سياسيا لأطول صراع لم يتم حله. ولكننا سنفكر أيضا في نجاحاتنا الجماعية لأننا أسهمنا أيضا في التنمية البشرية وفي بعض الازدهار في المنطقة.
وأعتقد أيضا أن الذكرى السنوية الخامسة والسبعين يجب أن تكون مناسبة للبدء في التفكير حول ماهية مسؤوليتنا الجماعية والتزامنا تجاه لاجئي فلسطين في المستقبل. إن نموذجنا اليوم - الطريقة التي نؤدي بها أعمالنا، وعدم موثوقية قاعدة المانحين لدينا، وحقيقة أننا نقدم خدمات شبيهة بالخدمات العامة ولكن يتم تمويلها مثل منظمة غير حكومية - لم يعد مستداما بعد الآن. ومن ثم، فإننا بحاجة – وسأحاول أن أثير – نقاشا مناسبا حول كيفية ضمان أن نكون بشكل جماعي قابلين للتنبؤ بالنسبة للاجئي فلسطين، وابعد من ذلك، للمنطقة أيضا.
شكرا لكم.
انتهى –
الأونروا هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى. قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتأسيس الأونروا في عام 1949 وفوضتها بمهمة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئي فلسطين المسجلين في مناطق عمليات الوكالة إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم.
تعمل الأونروا في الضفة الغربية، والتي تشمل القدس الشرقية، وقطاع غزة، والأردن، ولبنان، وسوريا.
وبعد مرور ما يقارب خمسة وسبعين عاما، لا يزال عشرات الآلاف من لاجئي فلسطين الذين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم بسبب ما حصل في عام 1948 نازحين وبحاجة إلى دعم.
تساعد الأونروا لاجئي فلسطين على تحقيق كامل إمكاناتهم في التنمية البشرية، وذلك من خلال الخدمات النوعية التي تقدمها في مجالات التعليم، والرعاية الصحية، والإغاثة والخدمات الاجتماعية، والحماية، والبنى التحتية وتحسين المخيمات، والتمويل الصغير بالإضافة الى المساعدات الطارئة. يتم تمويل الأونروا بالكامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية.